القاهرة - سمر حسين - صحة

في هدوء الليل، وبينما يخلد الجميع للنوم، يجد البعض أنفسهم أمام الثلاجة يبحثون عن وجبة خفيفة دون سبب واضح، وهذه العادة التي قد تبدو بسيطة للبعض، تخفي وراءها اضطرابًا صحيًا يُعرف بـ«متلازمة الأكل الليلي»، والتي بدأت الدراسات الحديثة تكشف عن خطورتها وتأثيرها العميق على الصحة الجسدية والنفسية.
وتشير الأبحاث إلى أن ما بين 1 و4.6% من الأشخاص يعانون من هذا الاضطراب، حيث يستهلك المصابون به أكثر من ربع سعراتهم الحرارية اليومية بعد منتصف الليل أو يستيقظون خصيصًا لتناول الطعام، وتكمن خطورة المتلازمة في ارتباطها بزيادة الوزن، وارتفاع مخاطر الإصابة بالسمنة، والسكري، وأمراض القلب، إلى جانب التأثير السلبي على جودة النوم والصحة النفسية.
ماهي المتلازمة وأسبابها؟
يقول الدكتور أحمد علام، أخصائي التغذية العلاجية والسمنة، في تصريح خاص لـ«الوطن»، أن متلازمة الأكل الليلي «Night Eating Syndrome» هي اضطراب يجمع بين مشاكل النوم واضطرابات الأكل، حيث يشعر المصاب برغبة ملحة في تناول الطعام خلال ساعات الليل، سواء بعد منتصف الليل أو حتى بعد العشاء مباشرة، والمصابون بهذا الاضطراب غالبًا ما يستهلكون أكثر من ربع احتياجاتهم اليومية من السعرات الحرارية في ساعات الليل، وقد يستيقظون من النوم خصيصًا لتناول الطعام، حتى وإن لم يشعروا بالجوع.
ويضيف أن أسباب متلازمة الأكل الليلي تتعدد، ومن بينها:
- العوامل النفسية مثل التوتر والاكتئاب والقلق
- اضطرابات في هرمونات الجوع والشبع مثل اللبتين والجريلين
كما أن بعض الأشخاص يلجؤون للطعام ليلًا كوسيلة للهروب من الضغوط أو كنوع من الراحة النفسية، ويشير إلى أن الدراسات الحديثة أوضحت أن الأشخاص الذين يعانون من متلازمة الأكل الليلي أكثر عرضة للإصابة بهذه الأمراض مقارنة بغيرهم.
العوامل النفسية والهرمونية
يوضح علام أن العوامل النفسية تلعب دورًا كبيرًا في ظهور هذا الاضطراب، إذ غالبًا ما يعاني المصابون من ضغوط نفسية أو مشكلات في العلاقات الاجتماعية أو العمل، كما أن اضطراب التوازن بين هرموني اللبتين «المسؤول عن الشبع» والجريلين «المسؤول عن الجوع» يؤدي إلى اختلال في الإحساس بالجوع والشبع، ما يدفع الشخص لتناول الطعام في أوقات غير معتادة، وبعض الدراسات تشير إلى أن الأشخاص الذين يعانون من الأرق أو اضطرابات النوم أكثر عرضة للإصابة بمتلازمة الأكل الليلي، خاصة إذا كانوا يواجهون صعوبة في التعامل مع التوتر أو الضغوط اليومية.
طرق التشخيص
تشخيص متلازمة الأكل الليلي يعتمد على التاريخ المرضي للمريض، وملاحظة نمط الأكل والنوم، بالإضافة إلى إجراء بعض التحاليل الهرمونية إذا لزم الأمر، ومن المهم استبعاد وجود أمراض عضوية أخرى قد تسبب نفس الأعراض.
العلاج
يوضح استشاري التغذية العلاجية، أن علاج متلازمة الأكل الليلي يتطلب خطة شاملة تشمل:
- العلاج السلوكي المعرفي «CBT»
لمساعدة المريض على تغيير أفكاره وسلوكياته تجاه الطعام والنوم.
- العلاج النفسي
للتعامل مع الضغوط النفسية والتوتر والاكتئاب المصاحب.
- تحسين عادات النوم
من خلال تحديد مواعيد نوم واستيقاظ ثابتة، وتجنب المنبهات قبل النوم.
- تعديل النظام الغذائي
تناول وجبات متوازنة خلال اليوم، والابتعاد عن السكريات والدهون في الليل.
وفي بعض الحالات، قد يصف الطبيب أدوية تساعد على تنظيم النوم أو الشهية، مثل بعض مضادات الاكتئاب أو الأدوية المنظمة للهرمونات.
نصائح للوقاية والتعامل مع المتلازمة
قدّم علام مجموعة من النصائح العملية منها:
- حاول تناول وجبة عشاء مشبعة ومتوازنة لتقليل الرغبة في الأكل الليلي.
- تجنب السهر الطويل أو مشاهدة الشاشات قبل النوم.
- مارس تمارين الاسترخاء مثل التأمل أو التنفس العميق قبل النوم.
- إذا شعرت بالجوع ليلاً، جرب شرب كوب ماء أو تناول وجبة خفيفة صحية مثل الزبادي أو الفواكه.
- لا تتردد في طلب المساعدة من مختص إذا لاحظت تكرار المشكلة وتأثيرها على حياتك اليومية.