ابوظبي - سيف اليزيد - إبراهيم سليم (أبوظبي)
تشارك الإمارات العالم الاحتفاء بـ«اليوم الدولي للعمل الخيري»، الذي يصادف 5 سبتمبر من كل عام، مؤكدة مواصلة التزامها بمسؤولياتها الإنسانية والحضارية، في تعزيز العمل الخيري والإنساني والتنموي على المستوى العالمي.
وأكّد علماء وقادة دينيون، أن العالم يشهد لدولة الإمارات العربية المتحدة في ميدان العمل الخيري والإنساني، هذا الدور الواضح والجلي في التخفيف عن المتضررين، سواءً من الكوارث الطبيعية أو الحروب أوالأزمات، مشيرين إلى أن إسهامات الدولة تشع نوراً ساطعاً في درب الخير والإنسانية لا تعرف حدوداً ولا تمييزاً.
البذل والعطاء
وأجمع القادة الدينيون على أن الإمارات سخّرت كل إمكاناتها للبذل والعطاء عبر مبادرات وحملات وبرامج إنسانية متنوعة ومختلفة، علاوة على وضع أسس راسخة لزيادة المشروعات الخيرية والتنموية في كل مكان، من دون تفرقة بين جنس أو عقيدة أو لون، لتعمّ الفائدة على الجميع ممن يحتاجون الدعم والمساعدة والمساندة، بهدف تحسين جودة الحياة عبر المساعدات الإغاثية الطارئة أو مشاريع التنمية المستدامة.
خير في كل مكان
وبمناسبة اليوم الدولي للعمل الخيري، توجّه فضيلة الشيخ أبوبكر أحمد، مفتي الديار الهندية، بخالص التحيّة والتقدير إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، قيادةً وحكومةً وشعباً، على ما بذلوه ويواصلون بذله من جهود إنسانية وخيرية جعلتهم في طليعة الأمم الساعية إلى خدمة البشرية.
وقال أبوبكر أحمد: «لقد كانت أيادي أهل الإمارات البيضاء، قيادة وحكومةً وشعباً، ولا تزال، تمسح دموع المحتاجين والمضطرين في شتى بقاع الأرض، من دون تمييز بين دين أو عرق أو لغة. وأن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – والد الإمارات وباني نهضتها – هو القدوة الملهمة في إرساء جذور العمل الخيري والإغاثي في وجدان أبنائه، فكان مثالاً فذّاً لريادة العمل الإنساني العالمي».
كرم إماراتي
وأضاف: «وقد استفاد من كرم أبناء الإمارات كل العالم، من القارات والدول والقرى، حيث ارتبطت الرؤية الإماراتية في العمل الخيري بالتنمية الشاملة، وتحويل حياة الفقراء إلى حياة كريمة غنية بالعطاء والأمل. ونحن في الهند لمسنا ثمار هذه الجهود المباركة عبر عقود طويلة، حيث استفاد الملايين من مشروعات متنوعة مثل بناء المساجد والمدارس والكليات، وحفر الآبار، ونحر الأضاحي، وتوزيع السلال الغذائية، وتوفير الأدوات الصحية والعيادات والمستشفيات، ورعاية الأيتام، وتقديم كسوة العيد، وغيرها من المشاريع التي تركت بصمات خالدة في حياة الناس»، داعياً الله سبحانه وتعالى أن يديم على دولة الإمارات أمنها ورخاءها، وأن يجعلها منارةً للعمل الخيري والإنساني عالمياً.
رسالة حضارية
من جانبه، أكّد الأب بيشوي فخري، راعي الكنيسة الكاتدرائية الأنبا أنطونيو في أبوظبي - الكنيسة المصرية، أن دولة الإمارات العربية المتحدة منذ تأسيسها عام 1971، وضعت العمل الخيري في صميم سياستها الداخلية والخارجية. لافتاً إلى أنه لم يُنظر إليه كخيار ثانوي، بل كجزء أصيل من هويتها الوطنية ورسالتها الحضارية.
ركيزة أساسية
وقال: «من ناحية السياسة الخيرية منذ البدايات جعل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مؤسس الدولة، من العطاء والعمل الإنساني إحدى الركائز الأساسية لبناء الإمارات وصورتها في العالم. ولقد كان يؤمن أن الثروة الحقيقية تكمن في توظيف الموارد لمساعدة المحتاجين ودعم المستضعفين».
وأضاف: «في سبعينيات القرن الماضي، أطلقت الإمارات برامج ومشروعات إنسانية امتدت من الدول العربية إلى أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، كما أنشئت مؤسسات وهيئات متخصصة مثل هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، ومؤسسة خليفة بن زايد للأعمال الإنسانية، ومؤسسة محمد بن راشد للأعمال الخيرية والإنسانية، وكلها عملت على تطوير العمل الخيري بصورة مؤسسية ومنظمة».
وتابع: «المساعدات لا تُمنح على أساس ديني أو سياسي، بل على أساس الحاجة الإنسانية فقط. هذا النهج جعل الإمارات من أبرز الداعمين لبرامج الأمم المتحدة الإنسانية، وسبّاقة في نجدة الشعوب عند حدوث الكوارث».
خطط تنموية
ولفت الأب بيشوي إلى أن الإمارات الأولى عالمياً في العطاء. ولسنوات متتالية، تصدّرت الإمارات قوائم أكبر المانحين في العالم، وفق تقارير لجنة المساعدات الإنمائية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD).
وأشار راعي الكنيسة المصرية، إلى أبرز المبادرات العابرة للعرق والدين، فقد أطلقت القيادة الإماراتية مبادرات ذات طابع عالمي مثل عام زايد 2018 الذي ركّز على تعزيز قيم التسامح والعطاء، ومبادرة 100 مليون وجبة التي وصلت إلى ملايين المحتاجين في أكثر من 30 دولة ومبادرات استضافة ومساندة اللاجئين، وتوفير التعليم للأطفال النازحين.
ركن أصيل
ومن جانبه، قال الأرشمندريت برثانيوس أبو حيدر، مطرانية الروم الأرثوذكس – كاتدرائية النبي إيليا، المصفح – أبوظبي، في كلمة له بمناسبة اليوم الدولي للعمل الخيري: «في اليوم الدولي للعمل الخيري، نتأمل في قوة العطاء التي توحّد البشر على اختلاف أديانهم وثقافاتهم، وندرك أن فعل الخير ركنٌ أصيل في تراثنا الروحي والإنساني. ونرى إسهامات دولة الإمارات العربية المتحدة الخيرية».
وأضاف: «الإمارات أثبتت عبر العقود الماضية دورها المحوري في الاستجابة للأزمات والصراعات والكوارث حول العالم، فكانت في طليعة المبادرين إلى إغاثة المنكوبين ولم تتوانَ عن مدّ يد العون للأشقاء وللشعوب الصديقة في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، كذلك تدرك الإمارات أن العمل الخيري سبيلٌ لصنع السلام، وقد خصصت 100 مليون دولار لدعم الجهود الإنسانية في السودان وإغاثة اللاجئين المتضررين من النزاع».
وتابع: «تولي الإمارات التعليم والرعاية الصحية اهتماماً خاصاً باعتبارهما حجر أساس بناء الإنسان. فعلى صعيد التعليم، أطلقت مبادرات خلّاقة مثل حملة «وقف الأم» التي خصصت وقفاً بقيمة مليار درهم لدعم تعليم الملايين حول العالم. وفي قطاع الصحة، دعمت مبادرات عالمية لمكافحة الأمراض المعدية». وأشار إلى أن «هذه الجهود المباركة تنسجم مع قيمنا التي تعلّمنا أن العطاء محبةٌ بالفعل، وأن الرحمة فضيلةٌ إلهية»، منوهاً إلى أن الأمم المتحدة أشادت بروح السخاء لدى الإمارات والتزامها بمبادئ التضامن والتعاطف وخدمة الآخرين - وهي نفسها قيم العطاء والرحمة والتضامن.
وأضاف: «نبتهل إلى الله أن يبارك كل يدٍ معطاء، وأن يديم على الإمارات وقيادتها الحكيمة نعمة فعل الخير».
دور نموذجي
من جانبه، قال سوريندر سينغ كانداري، رئيس معبد جورو ناناك دربار جورودوارا الشيخ في دبا: «في اليوم العالمي للعمل الخيري نتأمل في الدور النموذجي لدولة الإمارات العربية المتحدة كمنارة للكرم والعطاء الإنساني. مسترشدةً برؤية قيادتها الحكيمة التي دأبت على تقديم الدعم للملايين عبر القارات - بغض النظر عن العرق أو الدين أو الجنسية - داعمةً الصحة العالمية والتعليم والاستدامة والإغاثة السريعة في أوقات الأزمات»، مضيفاً أن هذا الالتزام يتجاوز العمل الخيري، إلى ترسيخ ثقافة حيّة من الرحمة والتضامن والإنسانية المشتركة.