كتبت: ياسمين عمرو في الاثنين 25 أغسطس 2025 09:59 صباحاً - عادة ما ترتبط العودة إلى المدارس بتعرض الطفل للأمراض، خاصة في مراحله الدراسية الأولى -حضانة أو الصف الابتدائي- فتجلس الأم بعدها في حالة من القلق تتفحص حرارة الطفل مراراً، وتسأل: هل الأمر مجرد إرهاق عادي بعد عطلة طويلة، أم أنه بداية مرض موسمي قد ينتقل إلى إخوته الصغار؟ وتغفل تماماً أن سخونة أو إعياء طفلها الظاهر ما هو إلا علامات مرض ما نتيجة عدوى من أحد الزملاء.
وهذا المشهد تعيشه آلاف الأمهات مع انطلاقة كل عام دراسي، فكيف يمكن حماية الأطفال من أمراض المدارس؟ وهل هناك نصائح للتعامل مع أمراض الأطفال الشائعة عند الرجوع للمدارس؟ اللقاء والدكتور إبراهيم شكري استشاري طب الأطفال للإجابة عن السؤال في نقاط خمس تفصيلية مبسطة.
أولاً: علمي طفلك العادات الصحية لتحميه

التجمعات الصفية:
تشكّل بيئة خصبة لانتشار العدوى، خصوصاً أمراض الجهاز التنفسي والإنفلونزا ونزلات البرد، لكن الخبر الجيد أن الوقاية ممكنة، إذا تكاتفت ثلاثة عناصر أساسية: الطفل نفسه، الأسرة، والمدرسة.
لذا ليس بالغريب أنه مع موسم العودة إلى المدارس، ومع إشراقة صباح كل يوم مدرسي، ترجع الأمهات من جديد لتوجيه التحذيرات إلى أطفالهن -خاصة الصغار- والذين يمكن أن يكتسبوا عادات صحية مبكرة.
النظافة الشخصية تقلل من انتقال الجراثيم:
اجعلي من غسل اليدين بالماء والصابون قبل الأكل وبعد استخدام الحمام، وعقب السعال أو العطس عادات أساسية لا تحتمل النقاش، فتصبح خط الدفاع الأول الذي يحمي الطفل، وعلميه أن يتجنب لمس وجهه بيديه، وأن يستخدم المناديل عند السعال، ما يساهم في حماية نفسه وزملائه.
الحقيبة المدرسية تحمل سبل الوقاية:
بمعنى أن تحتوي حقيبة الطفل على حاجات تساعد الطفل على الوقاية مثل: مناديل ورقية، زجاجة معقمِ يدين صغيرة، زجاجة ماء شخصية، هذه الأدوات البسيطة تمنحه استقلالية في حماية نفسه، كما ينبغي توصيته بعدم مشاركة أدواته الخاصة، مثل الأقلام وزجاجات الماء والطعام، حتى مع أصدقائه المقرّبين.
مقترحات لحل مشكلة ثقل الحقيبة المدرسية هل تودين التعرف إليها؟
الإنصات لإشارات الجسم ضرورة:
من المهم أن يتعلم الطفل الإصغاء لإشارات جسده؛ فإذا شعر بتعب مفاجئ، أو صداع، أو سيلان أنف، أو حرارة مرتفعة، يجب عليه إبلاغ المعلمة فوراً، هذه الثقافة تحميه وتمنع انتشار العدوى في الفصل.
ثانياً: دور الأم والأسرة كبير للوقاية

التطعيمات استثمار في الصحة
التطعيمات ليست إجراء روتينياً فقط، بل هي استثمار في حياة الطفل؛ حيث تشير الدراسات إلى أن اللقاحات تنقذ ملايين الأطفال سنوياً من أمراض خطيرة كان من الممكن أن تكون مميتة، ومع بداية العام الدراسي، يصبح لقاح الإنفلونزا مثلاً خياراً وقائياً ذكياً، يقلّل من احتمالية العدوى أو يخفف من شدتها إن وقعت.
لا للهلع من المرض ومرحباً بالوعي المتوازن
الخوف شعور طبيعي، لكنه إذا تحوّل إلى ذعر قد يربك الأسرة، المطلوب هو التوازن: لا تهاون مع الأعراض الخطيرة، لكن لا داعي لتحويل كل عطسة إلى أزمة، الطفل بحاجة إلى أن يرى والدته هادئة لتنتقل إليه الطمأنينة.
روتين صحي في البيت
ويتمثل هذا الروتين في الغذاء المتوازن، ساعات النوم الكافية، والابتعاد عن الأجهزة الإلكترونية قبل النوم، ما يساعد على تقوية جهاز المناعة وتجعل الطفل أكثر قدرة على مقاومة العدوى.
ثالثاً: المدرسة البيئة الحاضنة

لأن المرض لا ينشأ من فراغ، والأسرة وحدها لا تستطيع توفير الوقاية، فإن دائرة الحماية لا تكتمل من دون دور المدرسة، فهي المكان الذي يقضي فيه الطفل ساعات طويلة ويختلط فيه بعشرات الزملاء، وهذا يظهر في:
التهوية والنظافة
الفصول الدراسية المزدحمة تصبح بؤراً للعدوى إذا لم تتوافر تهوية جيدة، ويجب فتح النوافذ بانتظام، وتنظيف الأسطح، وتعقيم دورات المياه، وكلها مسؤوليات أساسية للمدرسة.تعزيز السلوكيات الصحية
المعلمات والمشرفات قادرات على تثبيت عادات صحية لدى الأطفال عبر القدوة أولاً، ثم عبر التذكير المستمر، فلا مانع مثلاً من إعداد حصة قصيرة للتوعية في بداية كل أسبوع، أو ملصقات على جدران الصف، كلها يمكن أن تصنع فارقاً كبيراً في سلوكيات الأطفال.سياسة واضحة للتعامل مع الطفل المريض
من المهم أن تكون لدى المدرسة سياسة للتعامل مع أي طفل تظهر عليه أعراض قوية؛ إذ يجب أن يعود إلى منزله حتى يتعافى، حماية له ولزملائه، كما أن التواصل السريع مع أولياء الأمور عند ظهور أعراض مرضية يمنع تفاقم الحالات.الحماية شراكة ثلاثية بين الطفل والأسرة والمدرسة
- الطفل يتعلم كيف يحمي نفسه.
- الأسرة تضمن له الوقاية والتوازن.
- المدرسة توفر بيئة صحية وآمنة.
رابعاً: متى يحتاج الطفل إلى طبيب؟
كثير من الأمهات يواجهن سؤالاً يومياً: هل هذا المرض عابر، ويكفي أن يبقى الطفل في البيت، أم أنه يتطلب زيارة الطبيب؟ بينما القاعدة الطبية البسيطة تقول: الحمى المرتفعة التي لا تهبط مع خافض الحرارة تستدعي استشارة طبية.السعال المستمر أو صعوبة التنفس تستدعي مراجعة فورية، والطفح الجلدي المفاجئ أو الألم الشديد غير المعتاد يحتاج إلى تقييم عاجل، أما الرشح الخفيف أو الكحة العارضة، فقد تكفي معها الراحة في المنزل لبضعة أيام.
خامساً: نصائح للتعامل مع أمراض المدارس عند الرجوع إلى المدرسة

عندما يجتمع وعي الطفل، وحنان الأسرة، ومسؤولية المدرسة، يتحوّل موسم العودة إلى المدارس من مصدر قلق إلى فرصة لغرس عادات صحية سترافق الطفل مدى الحياة، أمراض المدارس واقع لا مفر منه، لكن السيطرة عليها ممكنة، والوقاية تبدأ بخطوات صغيرة مثل:
- تناول وجبة صحية، أخذ اللقاح في موعده، والنوم والراحة الكافية في البيت.
- غسل الأيدي جيداً بالماء والصابون بصورة متكررة؛ خاصةً قبل تناول الطعام، وبعد استخدام المرحاض، وبعد نفث الأنف (إخراج الهواء منه)، أو السعال أو العطس.
- تجنب ملامسة العين والأنف والفم بأيدٍ ملوثة، استخدام المنديل أو منحنى الكوع عند السعال أو العطاس، تجنب الاتصال الوثيق مع الطلاب المرضى أو مشاركتهم الأدوات.
- التركيز على تقوية مناعة الطفل عبر الالتزام بالتطعيمات والنظام الغذائي الصحي، والمحافظة على ساعات نوم منتظمة، والتشجيع على ممارسة النشاط البدني، والمحافظة على تهوية المنزل جيداً.
- تقليل وقت الشاشة؛ بأن يقتصر على ساعتين في اليوم أو أقل، ويشمل ذلك الهواتف وأجهزة التلفزيون والأجهزة اللوحية وألعاب الفيديو وأجهزة الكمبيوتر.
- عززي صحة طفلك من خلال وجبات مغذية، مع الترطيب الكافي طوال اليوم؛ على أن تحتوي وجبة الإفطار -قبل النزول للمدرسة- على البروتين ومنتجات الألبان والحبوب الكاملة، ما يحفز على السلوكيات الإيجابية وتحسن القدرة على التركيز.
- راقبي استخدام طفلك لوسائل التواصل الاجتماعي؛ حتى تتمكني من تحديد التنمر أو مصادر التوتر أو القلق الأخرى في المدرسة، يمكن أن تكون المدرسة والرياضة ووسائل التواصل الاجتماعي مصادر توتر وقلق لطفلك.
- اختاري حقيبة ظهر جيدة تحتوي على حزامين وبطانة مبطنة، ولا يزيد وزنها على 10٪ من وزن طفلك، لا تنسيْ أن حقائب الظهر الثقيلة يمكن أن تسبب آلاماً بالرقبة والكتف والظهر.
