في اليابان، لا تُعد المهرجانات مجرد فعاليات موسمية، بل تُصنَّف وتُحتفى بها وفق ما يُعرف بـ”الثلاثيات الكبرى“ — ثلاث من أبرز المهرجانات التي تُمثّل ذروة الاحتفالات في كل فئة. وفي هذه المقالة، نصحبكم في جولة ساحرة عبر ”ثلاثية المهرجانات المضاءة بالفوانيس“، التي تُقام من أقصى شمال اليابان إلى جنوبها، حيث تتلألأ الفوانيس الضخمة وتملأ السماء بألوانٍ ساحرة، مُشكّلة لوحات فنية تنبض بالحياة وتُشعل سحر الليل الياباني.
استقبال أرواح الأجداد
خلال احتفال أوبون الذي يوافق يوليو/تموز أو أغسطس/آب، تكرّم الأسر أرواح أسلافها. وتقوم الأسر بتعليق فانوس أو إشعال نار ترحيبية عند بوابة المنزل الأمامية لتكون بمثابة منارة ترشد الأرواح العائدة إلى بيوتها. كما يُضيئون في اليوم الأخير من أوبون نارا مرة أخرى، أو يطلقون الفوانيس فوق مسطح مائي بهدف إعادة الأرواح إلى عالم الموتى. ولكن مع تصاعد المخاوف من خطر الحرائق وازدياد عدد السكان في المباني السكنية، بدأت عادة إشعال النار في التراجع.
ومع مرور الزمن، أخذ أوبون – الذي تعود جذوره إلى طقوس بوذية – طابعا احتفاليا. وفي حين أن دولا في مختلف أنحاء العالم تقيم مهرجانات تتضمن دمى ضخمة من الورق المعجون أو فوانيس، فإن العربات التي تحمل فوانيس عملاقة تظل مشهدا يابانيا فريدا. وقد اكتسبت هذه الفوانيس مع الوقت سمات محلية مميزة، فأصبحت تنير أمسيات الصيف وتضفي جوا من البهجة والحماس.
آوموري نيبوتا ماتسوري
(2-7 أغسطس/آب، آوموري بمحافظة آوموري)
أصبحت فوانيس نيبوتا في آوموري أكبر حجما في فترة مييجي (1868–1912). وهي باهظة التكلفة، وقد يصل عرض أكبرها حجما إلى 9 أمتار، وبارتفاع 5 أمتار، وقطر 7 أمتار. ومن الممكن أن يبلغ الوزن الإجمالي للعربات مع الفوانيس المثبتة عليها نحو 4 أطنان. (© مكتبة هاغا)
تُعد فوانيس نيبوتا من أبرز معالم الصيف في محافظة آوموري. تنظم مدن أخرى في المحافظة، مثل هيروساكي وغوشوغاوارا، مهرجاناتها الخاصة في أوائل أغسطس/آب. أما الأشهر والأكثر جذبا للزوار فهو مهرجان آوموري نيبوتا ماتسوري، الذي يستقطب 3 ملايين شخص خلال فترة المهرجان التي تستمر 6 أيام.
راقص هانيتو يقوم بالقفز. (© مكتبة هاغا)
مع حلول الغسق، تُضاء نحو 20 فانوس نيبوتا. يسبقها راقصو هانيتو وهم يقفزون ويدورون على إيقاع موسيقى المهرجان، لينطلق موكب على وقع هتافات حماسية تقول ”راسّيه را! راسّيه، راسّيه، راسّيه را!“، يصاحبها قرع طبول وعزف على الناي.
تجسد فوانيس نيبوتا شخصيات محاربين أبطال يرمقون الحشود بنظرات مرعبة، مستوحاة من شخصيات تاريخية أو كائنات أسطورية، حيث تصورهم وهم يصارعون أفاعي أو جماجم أو أرواحا شريرة. ويكرس فنانو نيبوتا-شي عاما كاملا في ابتكار هذه الشخصيات، التي تثير إعجاب المتفرجين بأحجامها.
بعد استئجار أو شراء زي المهرجان، يمكن للمشاهدين الانضمام إلى الرقص. (© مكتبة هاغا)
من المعتقد أن كلمة نيبوتا مشتقة من ”نيموتا (النعاس)“، في استدعاء للزمن الذي كان فيه المزارعون يسعون للتخلص من نعاسهم عبر إطلاق الفوانيس في خضم موسم الصيف المزدحم. وكانت هذه الممارسة ترتبط في الأصل بمهرجان النجوم تاناباتا، ثم تطورت تدريجيا إلى المهرجان الذي نعرفه بصورته الراهنة.
الجزء الختامي من مهرجان هيروساكي نيبوتا مستوحى من ممارسة ”شورو ناغاشي“ التي تقوم على إطلاق فوانيس نيبوتا في الماء لتوديع أرواح الموتى. (© مكتبة هاغا)
إيسّاكي هوتو ماتسوري (نوتو كيريكو ماتسوري)
(السبت الأول من شهر أغسطس/آب، ناناو بمحافظة إيشيكاوا)
الفوانيس الضخمة الدوارة هي أبرز معالم المهرجان. (© مكتبة هاغا)
مع حلول الصيف في شبه جزيرة نوتو في محافظة إيشيكاوا، تبدأ مهرجانات كيريكو بالهيمنة على المشهد. والكيريكو التي يُطلق عليها ”هوتو“ في بعض المناطق، هي فوانيس ورقية مستطيلة مستوحاة من الفوانيس التي تُستخدم في طقوس أوبون.
كانت منطقة نوتو في فترة إيدو (1603–1868) كثيرا ما تتعرض لأوبئة متكررة. واستلهم السكان من مهرجان غيون الشهير في كيوتو الذي بدأ كطقس تطهيري في أوقات تفشي الأمراض، فكرة تطورت بموجبها مهرجانات نوتو إلى فعاليات صيفية كبرى تهدف إلى طرد الأرواح الشريرة. ويوجد اليوم في نوتو نحو 800 فانوس كيريكو، وتُقام مواكب كيريكو النابضة بالحياة في أكثر من 200 منطقة محلية.
يجوب فانوس عملاق أحد شوارع مدينة ناناو في إيشيكاوا، متفاديا أفاريز الأسقف وأسلاك الكهرباء. (© مكتبة هاغا)
أشهر مهرجانات الكيريكو التي تُقام بين يوليو/تموز وأكتوبر/تشرين الأول، هو مهرجان إيساكي هوتو في مدينة ناناو الواقعة في وسط شبه الجزيرة. تشارك 6 أحياء في استعراض عربات الكيريكو الخاصة بها، التي يتراوح ارتفاعها بين 12 و15 مترا ويصل وزنها إلى طنين، حيث تجوب الشوارع للدعاء من أجل وفرة الصيد من الأسماك. تزَين واجهة كل كيريكو بحروف كانجي تبشر بالخير وترتبط بالحي الذي تنتمي إليه، بينما تزين خلفيتها صورة ”موشاي“ لبطل محارب.
يحمل كل عربة 100 رجل، يطلقون صيحات حماسية ”ساكّاساي! ساكاساسّاي!“ على وقع أنغام الناي والطبول. وتمثل مشاهدة العربات وهي تنساب بين الأزقة الضيقة – بالكاد تتفادى أفاريز المنازل – مشهدا مدهشا ومميزا لهذا المهرجان في نوتو.
تعزف الطبول والناي لحنا احتفاليا ينبض بالحياة. (© مكتبة هاغا)
يُختتم المهرجان بدوران العربات الست حول ساحة مفتوحة في البلدة. تُضاء جميعها في آن واحد وتُرفع عاليا في الهواء بينما ينخرط حاملوها في رقصة صاخبة. ورغم ذلك، توحي حركاتهم المنسقة بروح التضامن التي تميز مجتمعات الصيادين.
تسبب زلزال 1 يناير/كانون الثاني عام 2024 في أضرار واسعة النطاق في أنحاء شبه جزيرة نوتو، ولم يتمكن سوى نصف عدد الأحياء التي تقيم المهرجان عادة من تنظيمه في ذلك العام. كما تم تقليص فعاليات مهرجان إيساكي هوتو ماتسوري، لكنه تضمن الدعاء من أجل تعافي المنطقة ومستقبل مشرق لها.
فانوس على شكل بطل محارب يستخدم لإبعاد الكوارث، يضيء ليل المنطقة. (© مكتبة هاغا)
ياماغا تورو ماتسوري
(15-16 أغسطس/آب، ياماغا بمحافظة كوماموتو)
الممارسة تقود إلى الإتقان: مئات النساء يؤدين رقصة بشكل متزامن. (© مكتبة هاغا)
تُعد مدينة ياماغا الواقعة في شمالي محافظة كوماموتو، منذ زمن بعيد مركزا لصناعة الورق الياباني التقليدي ”واشي“. وتُعد فوانيسها المصنوعة يدويا من أوراق الواشي الملصقة معا من دون استخدام الخشب أو المعدن، بأنها حرفة تقليدية.
وتروي الأسطورة أن فوانيس ياماغا الورقية تعود في أصلها إلى نحو 2000 عام، حين استُقبل الإمبراطور كييكو من قبل القرويين الذين حملوا مشاعل للترحيب به. وشُيّد لاحقا على الموقع الذي أقام فيه الإمبراطور، معبد أومييا تبجيلا له، ومنذ ذلك الحين بدأ تقديم الفوانيس كقرابين في هذا المكان.
تُقام رقصة تورو أودوري في معبد أومييا وفي أجزاء أخرى من المدينة. (© مكتبة هاغا)
في أواخر القرن السادس عشر، كان كاتو كييوماسا حاكم مقاطعة هيغو فيما يُعرف اليوم بمحافظة كوماموتو، أحد قادة الحملة العسكرية اليابانية على شبه الجزيرة الكورية. وعند عودته إلى اليابان، اصطحب معه صناع ورق من شبه الجزيرة، وتطورت مهارتهم لاحقا إلى صناعة الفوانيس من ورق الواشي. واليوم، تقوم كل مجموعة من أتباع المعبد بصنع فانوس ”تورو“ على شكل معبد أو مباني أخرى تقدم كقرابين إلى معبد أومييا خلال المهرجان.
يمكن أن يصل عرض فوانيس تورو المقدمة كقرابين إلى 1.5 متر. (© مكتبة هاغا)
أبرز ما يميز اليوم الأول من المهرجان هو رقصة ”تورو أودوري“ التي تؤديها نساء يرتدين أزياء يوكاتا وردية اللون، وتُقدم هذه الرقصة كقربان للمعبد. تنتمي هؤلاء النسوة إلى جمعية الحفاظ على رقصة تورو، وهن يتدربن ويشاركن في الفعاليات، ويرقصن برشاقة على أنغام موسيقى شعبية ساحرة. تضع الراقصات على رؤوسهن فوانيس ذهبية مكونة من 6 طبقات من ورق الواشي اليدوي، ويستغرق صنع كل واحد منها 3 أيام كاملة.
فوانيس ذهبية وفضية لامعة مصنوعة من ورق الواشي تزن أقل من 200 غرام. (© مكتبة هاغا)
رقصة ”سينّين تورو أودوري (رقصة الفانوس لألف شخص)“ عند الغسق في اليوم الثاني هي أبرز فعاليات المهرجان. يرتدي الراقصون أزياء يوكاتا ويضعون فوانيس ذهبية فوق رؤوسهم، ويؤدون حركات متزامنة تشكل دوائر متداخلة، لتتحول إلى بحر من الضوء يخلق جوا أشبه بالحلم.
تُقام رقصة الفانوس حول مسرح ياغورا مرتفع. (© مكتبة هاغا)
(المقالة الأصلية منشورة باللغة اليابانية، الترجمة من الإنجليزية. التواريخ المذكورة هي تلك التي تُقام فيها المهرجانات عادة. صورة العنوان: رقصة الفانوس الكبرى هي إحدى أهم معالم مهرجان ياماغا تورو ماتسوري في كوماموتو. © مكتبة هاغا)
كانت هذه تفاصيل خبر اليابان | احتفالات الضوء والروح... مهرجانات الفوانيس تُضيء اليابان من الشمال إلى الجنوب لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.
كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على نيبون وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.