ابوظبي - سيف اليزيد - عبدالله أبو ضيف (بيروت، القاهرة)
أعلن وزير الإعلام اللبناني بول مرقص، أمس، موافقة مجلس الوزراء على الأهداف الواردة في مقدمة الورقة الأميركية بشأن تثبيت اتفاق وقف الأعمال العدائية مع إسرائيل، مشيراً كذلك بالموافقة على إنهاء الوجود المسلح على كامل أراضي البلاد بما فيه «حزب الله»، ونشر الجيش اللبناني في المناطق الحدودية.
وقال مرقص خلال إعلان مقررات جلسة مجلس الوزراء التي عقدت في القصر الجمهوري: «إن مجلس الوزراء استكمل النقاش في البند الأول من جلسته، ووافق على الأهداف الواردة في مقدمة الورقة الأميركية بشأن تثبيت اتفاق وقف الأعمال العدائية، وذلك في ضوء التعديلات التي كان قد أدخلها المسؤولون اللبنانيون، ونحن بانتظار خطة تنفيذية من الجيش».
وأضاف: «وافقنا على إنهاء الوجود المسلح على كامل الأراضي بما فيه حزب الله، ونشر الجيش اللبناني في المناطق الحدودية».
وأشار إلى أن الرئيس اللبناني جوزيف عون الذي كان يرأس الجلسة، كشف عن تلقيه اتصالات دولية لانطلاق جهود دولية وعربية لإنقاذ الاقتصاد اللبناني، وهناك إجراءات للإعداد لها.
وقدمت الولايات المتحدة للحكومة اللبنانية ورقة تتضمن مقترحات مفصلة تهدف إلى تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار المبرم مع إسرائيل في نوفمبر 2024، من خلال خطة دبلوماسية وأمنية تشمل خطوات سياسية وعسكرية وإدارية لتثبيت الاستقرار.
وتشمل الخطة نقاط أساسية أبرزها تنفيذ وثيقة الوفاق الوطني (اتفاق الطائف)، وتعزيز سلطة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها، ونزع سلاح جميع القوى غير الشرعية بما فيها «حزب الله»، وانتشار الجيش اللبناني وقوى الأمن في جميع المناطق، خصوصاً جنوب نهر الليطاني، ووفقاً للوثيقة.
وتنص الورقة الأميركية، على تنفيذ خطة من 4 مراحل، تبدأ بالحصول على موافقة مجلس الوزراء اللبناني على أهداف المذكرة، بما في ذلك إصدار مرسوم يلتزم بنزع سلاح «حزب الله» والفصائل الأخرى بحلول 31 ديسمبر 2025.
واتفق خبراء وسياسيون على أنه لا بديل عن حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، واعتبروه شرطاً لتحقيق الأمن والاستقرار في البلاد.
وقال بيار بوعاصي، عضو مجلس النواب اللبناني، إن تحقيق مبدأ حصرية السلاح بيد الدولة لا يرتبط بأي ظرف، بل هو واجب الدولة وهو ما تعززه القوانين المحلية والقرارات الدولية، ويبقى هذا هو الأساس في كل الأوقات.
وتابع: أما في الظرف الراهن، فالتحدي يأخذ أبعاداً عدة، منها ثقة المواطن بدولته، وثقة المجتمع العربي والدولي بالدولة اللبنانية.
وأضاف بوعاصي، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن الثقة هنا تنعكس على مختلف المستويات، بما في ذلك قدرة لبنان على مواجهة تحديات عديدة، مثل إخراج إسرائيل من المناطق المحتلة، وترسيم وتثبيت الحدود مع سوريا وإسرائيل، ولا يمكن تحقيق أي من ذلك ما لم تكن الدولة ضامنة للسيادة ولحصرية السلاح.
وأشار إلى أن الجانب الاقتصادي يشكل بُعداً آخر من التحدي، بدءاً من إعادة الإعمار، مروراً بمصير الودائع، وصولاً إلى جذب الاستثمارات الخارجية، موضحاً أن أبرز التحديات يتمثل في انكفاء المجتمع الدولي عن لبنان، واحتمال تجدد الحرب بين إسرائيل و«حزب الله»، وكل ذلك نتيجة فقدان الثقة بالدولة اللبنانية.
وأكد بو عاصي أن التحدي الأكبر يتمثل في شعور مختلف المكونات اللبنانية، وهي الغالبية الساحقة، بأنها ستبقى رهينة لدى «حزب الله» وبيئته الحاضنة، مشدداً على أن العقد الاجتماعي اللبناني بات في خطر.
واعتبر الخبير السياسي اللبناني، شارل جبور، أن إصرار رئيس الجمهورية جوزيف عون، ورئيس الحكومة نواف سلام، على الالتزام بمبدأ حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، يعكس إدراكاً واضحاً بأنه لا إمكانية لتحقيق أي استقرار أو إصلاح في البلاد ما لم تُفرض السيادة الكاملة للدولة، ويُنزع أي سلاح خارج إطارها الشرعي.
وأشار جبور، في تصريح لـ«الاتحاد»، إلى أن البيان الوزاري للحكومة اللبنانية أعاد التشديد على هذا المبدأ، مما يعكس توافقاً سياسياً على أن المدخل الأساسي للتغيير والاستقرار يبدأ بحصرية السلاح بيد الدولة، وإلا فإن لبنان سيبقى غارقاً في أزماته المتراكمة.
وأفاد بأن وجود سلاحين على الأراضي اللبنانية يُفقد الدولة هيبتها ويقوّض سيادتها، مؤكداً أنه لا يمكن الحديث عن دولة حقيقية في ظل وجود فصائل مسلحة تتصرف خارج القانون، وقد عبّر الرئيسين جوزيف عون ونواف سلام عن هذا الموقف بوضوح، وهو ما يدعو إلى تطبيقه باعتبارها شرطاً أساسياً لإنهاء حالة الشلل والانقسام.