اخبار العالم

بين خطابي عون وقاسم... هل تنتصر نقاط التقاطع أم تُفجِّرها الخلافات؟

بين خطابي عون وقاسم... هل تنتصر نقاط التقاطع أم تُفجِّرها الخلافات؟

في توقيتٍ بالغ الحساسية، وقبل أيام من الجلسة الحكومية المرتقبة يوم الثلاثاء، ألقى رئيس الجمهورية ​جوزاف عون​ خطابًا بدا بمثابة "تظهير سياسي" لمضمون الورقة الأميركية حول "حصرية السلاح"، متعمّدًا وضعها في سياقها الوطني والدستوري، ومحاولًا نزع فتيل الانفجار الذي يلوح في الأفق، مع بروز ملامح انقسام سياسي وشعبي حول هذا الملف، الذي يرى البعض في طرحه "رضوخًا" لضغوط خارجية، وبشكل خاص أميركية وإسرائيلية.

لكنّ خطاب الرئيس، على هدوئه الواضح، والذي وصفه البعض بـ"خطاب قسم ثانٍ"، لم يكن وحيدًا في المشهد، إذ جاء بعد ساعات على خطابٍ ناري للأمين العام لـ"​حزب الله​" الشيخ ​نعيم قاسم​، أعاد فيه رفع سقف المواجهة، معتبرًا كل دعوة لسحب السلاح "خدمة مباشرة للمشروع الإسرائيلي"، في موقف رُسمت حوله علامات استفهام كثيرة، خصوصًا في ضوء الرسائل التي تضمّنها، والتي بدت وكأنها موجّهة مسبقًا إلى طاولة مجلس الوزراء، حتى لو لم تُسمَّ بصراحة.

وبين الخطابين، تتّجه الأنظار إلى جلسة الثلاثاء، التي دعا إليها رئيس الحكومة ​نواف سلام​، والتي ستُبحَث فيها الورقة الأميركية حول سحب السلاح، والتعديلات ال​لبنان​ية الجوهرية عليها، وفق الأصول، من أجل تحديد المراحل الزمنية لتنفيذها، وسط مخاوف من أن تتحوّل الجلسة إلى "صاعق تفجير"، خصوصًا في حال قرّر "الثنائي الشيعي" مقاطعتها، أو اتخذ موقفًا تصعيديًا منها، مع ما قد يعنيه ذلك من تعطيل للمسار الحكومي برمّته.

ومع أنّ سلام كان قد سبق وحاول طمأنة الجميع، مؤكدًا أنّ طرحه لحصرية السلاح لا ينطلق من استفزاز أحد، إلا أنّ التباعد في المقاربات بين عون وسلام من جهة، وقاسم من جهة ثانية، رغم الاتفاق في المبدأ، يطرح أكثر من سؤال، أبرزها: هل نحن أمام تقاطع في المبادئ لكن تصادم في الأولويات؟ وهل ينجح خطاب الرئيس في لجم التصعيد، أم يذهب المشهد نحو مواجهة مفتوحة تُذكّر بجلسة "الخامس من أيار" الشهيرة، التي أفضت إلى "أحداث 7 أيار"؟!.

بالنسبة إلى "حزب الله"، يضع العارفون المواقف التي أطلقها الشيخ قاسم في الخطاب الذي ألقاه يوم الأربعاء في خانة "التحذير الضمني"، وهو ما برز بتشديده على أنّ أي بحث في موضوع سلاح "حزب الله" خارج سياقه الزمني والسياسي والأمني، هو "انحراف عن البوصلة" وتبنٍّ لأجندات خارجية، على رأسها المشروع الإسرائيلي. ورغم أنّه لم يأتِ على ذكر جلسة الحكومة بشكل مباشر، إلا أنّ رسائله كانت واضحة لجهة رفض الحزب إدراج بند "السلاح" على جدول أعمالها، باعتبار أنّ "أولوية" الدولة اليوم ينبغي أن تكون في مكان آخر كليًا وفق ما أوضح.

وبحسب ما يقول المطّلعون على أدبيّات الحزب، فإنّ ما عبّر عنه قاسم ليس جديدًا، بل هو امتداد لموقف راسخ يعتبر أنّ أي بحث في "مستقبل المقاومة" يجب أن يتم ضمن إطار إستراتيجي شامل، لا أن يُقحم في النقاشات الحكومية التقنية أو حتى الأمنية، خصوصًا إذا جاء ذلك تحت ضغط خارجي، لما لذلك من تبعات على الاستقرار السياسي، علمًا أنّه لا يعتبر الموفد الأميركي الرافض لتقديم "الضمانات" للبنان وسيطًا نزيهًا، يمكن البناء على وعوده وتعهداته.

ولذا، يشدّد هؤلاء على أنّ الحزب لا يزال يدرس خطواته بهدوء، ولم يحسم بعد مشاركته في الجلسة المفترضة يوم الثلاثاء، بانتظار ما ستؤول إليه الوساطات القائمة، علمًا أنّ هناك من يعتبر أنّ عدم ذكر الشيخ قاسم للجلسة صراحة هو بحدّ ذاته بمثابة إفساح في المجال أمام الاتصالات السياسية، ولو أنّه قرن هذا الموقف بمواقف واضحة تنتقد ضمنًا الدولة اللبنانية، وتذكّرها بأنّ عليها "واجبات" بموازاة "الحقوق" التي يقدّمها لها الحزب.

إلا أنّ ما يثير القلق، وفق مصادر مراقبة، هو أنّ خطاب قاسم جاء تصعيديًا في توقيت كان يفترض أن يشهد تهدئة، في ظلّ الاتصالات القائمة على أكثر من خط، ما يوحي بأنّ الحزب أراد توجيه رسالة مزدوجة: أولًا لرئيس الحكومة بعدم تجاوز "الخطوط الحمراء"، وثانيًا لحلفائه وشركائه، وفي طليعتهم رئيس الجمهورية، الذي يبدي كلّ انفتاح عليه منذ انتخابه مطلع العام الحالي، بضرورة الالتزام بـ"منهجية التنسيق"، لا الانفراد بالقرارات أو المسارات.

في مقابل هذه الانطباعات "التشاؤمية" التي كرّسها خطاب قاسم، إن صحّ التعبير، جاء خطاب الرئيس جوزاف عون ليرسي أجواء "إيجابية" في المقابل، بدا معها أقرب إلى "محاولة احتواء" قبيل جلسة الحكومة، إذ حرص على تقديم مقاربة عقلانية لما تضمّنته الورقة الأميركية، مشدّدًا على أنّ الهدف من مناقشتها ليس المسّ بالمقاومة، بل تنظيم العلاقة بين الدولة وكل القوى المسلحة، تحت سقف الدستور والمؤسسات. ولعلّ الأهم، أنّ عون حاول التماهي مع موقف رئيس الحكومة، مؤكّدًا أنّ أي نقاش لن يكون استفزازيًا، ولن يتم خارج المؤسسات.

في هذا السياق، لا يمكن فصل خطاب رئيس الجمهورية جوزاف عون عن محاولة واضحة لرسم توازن دقيق بين هواجس الداخل ومقتضيات الخارج، وهو توازن برز خصوصًا في الطريقة التي تناول بها ملف السلاح، ليس كعنوان منفصل أو مطلب تعجيزي، بل ضمن "مسار متوازٍ" يتكامل مع سلسلة من الالتزامات الأخرى التي تصبّ في مصلحة الدولة، وتلبّي في الوقت نفسه جملة من المطالب التي لطالما رفع "حزب الله" لواءها، سواء على مستوى الضمانات الأمنية والسياسية أو من جهة دعم المؤسسة العسكرية وتعزيز موقع الدولة.

فالخطاب بدا، في جوهره، أشبه بمحاولة احتواء وطمأنة لا تصعيد، وقد حرص فيه عون على تقديم طرح متماسك لا يُختزل بسحب السلاح، بل ينطلق أولًا من وقف العدوان الإسرائيلي، وانسحاب الاحتلال إلى ما وراء الحدود، وضمان أمن المواطنين في الجنوب، مع حصر النقاش حول السلاح في مرحلة لاحقة تأتي نتيجة طبيعية لهذا المسار. وهو بذلك، قدّم رؤية سياسية تتجاوز السجال التقليدي، وتطمح إلى ترسيخ مشروع الدولة ككل، لا تقويض أيّ من مكوّناتها، علمًا أنّ هذه الرؤية تختزلها التعديلات التي أدخلها لبنان على الورقة الأميركية، وهنا نقطة يُبنى عليها الكثير.

في المحصّلة، يبدو أنّ خطابي قاسم وعون يتّفقان في المبدأ، لجهة أهمية الاستقرار ووحدة المؤسسات، لكنّهما يختلفان في الأسلوب والتوقيت والمقاربة. فالحزب لا يريد فتح ملف السلاح الآن، ولا عبر طاولة الحكومة، فيما يرى عون أنّ إدارة الملف لا تعني بالضرورة تفجيره، بل قد تساهم في تنظيمه ضمن إطار وطني جامع.

وإذا كانت جلسة الثلاثاء تمثّل اختبارًا أوليًا لهذا التباين، فإنّ نجاحها أو فشلها سيشكّل مؤشّرًا مهمًا على قدرة الفرقاء اللبنانيين على احتواء التناقضات، أو على العكس، سيؤكد أنّ "نقاط التقاطع" تبقى نظرية، ما دامت "الخلافات التكتيكية" تعلو على أي تفاهم.

كانت هذه تفاصيل خبر بين خطابي عون وقاسم... هل تنتصر نقاط التقاطع أم تُفجِّرها الخلافات؟ لهذا اليوم نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكاملة ولمتابعة جميع أخبارنا يمكنك الإشتراك في نظام التنبيهات او في احد أنظمتنا المختلفة لتزويدك بكل ما هو جديد.

كما تَجْدَرُ الأشاراة بأن الخبر الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على النشرة (لبنان) وقد قام فريق التحرير في الخليج 365 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر من مصدره الاساسي.

قد تقرأ أيضا